سيد شباب أهل الجنة "الحسين" رضي الله عنه، الذي تعد قصة مقتله واحدة من
أكثر قصص التاريخ إيلاماً وحزناً، لما فيها من بشاعة، والحسين بن علي رضي
الله عنه هو حفيد رسول الله"صلى الله عليه وسلم" من ابنته فاطمة ووالده هو
الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأخوه الحسن رضي الله عنهم جميعاً.
وقصة استشهاده إذا سردناها باختصار فهي كالتالي:
كان معاوية قد قام بتولية العهد لابنه يزيد للخلافة، ولم يترك الأمر شورى
بين المسلمين، وأن أهل العراق أرسلوا للحسين ليبايعوه، وكانوا لا يرغبوا
بمبايعة يزيد بن معاوية، وعندما علم الحسين بذلك أرسل ابن عمه مسلم بن عقيل
ليتقصى الأمور ويعرف حقيقة البيعة، وبالفعل عندما ذهب مسلم بن عقيل بايعه
أهل العراق على مبايعة الحسين، فلما أطمئن قلبه أرسل رسول ليبلغ الحسين،
أثناء ذلك علم يزيد بن معاوية بهذا الأمر فأرسل إلى عبيد الله بن زياد والي
البصرة لينظر في الأمر ويمنع أهل الكوفة من الخروج مع الحسين، وبعد أن سأل
بن زياد علم أن مسلم بن عقيل موجود بدار هانئ بن عروة.
خرج مسلم بن عقيل لملاقاة عبيد الله بن زياد وبعد أن دارت بينهم معركة، قبض
على مسلم وأمر عبيد الله بقتله، ولكن تمكن مسلم أن يرسل رسالة إلى الحسين
يحذره فيها قبل أن يقتل قال فيها " أرجع بأهلك ولا يغرنك أهل الكوفة فإن
أهل الكوفة قد كذبوك وكذبوني وليس لكاذب رأي"، وانطلق عبيد الله بن زياد
للناس ليمنعهم من مبايعة الحسين مستخدماً سياسة الترهيب والترغيب، حتى انفض
أهل العراق عن الحسين.
وعندما وصل للحسين رضي الله عنه رسالة مسلم بن عقيل الأولى خرج متجهاً
للعراق على الرغم من قيام الكثير من الصحابة بمنعه من الخروج إلا أنه رفض
وأصر على الخروج، وقد جاءه خبر مقتل مسلم بعد ذلك فانطلق الحسين مكملاً
سيره، ومعه أهله واصحابه، وفي كربلاء التقى الحسين بجيش بقيادة عمرو بن سعد
وشمر بن ذي الجوشن، وحصين بن تميم ودارت معركة غير متكافئة بين الطرفين
فقتل معظم من كانوا مع الحسين من أقارب وأصدقاء، ووقف الحسين كالأسد الجسور
يقاتل حتى جاء مقتله على يد شمر بن ذي الجوشن والذي اجتز رأس الحسين رحمه
الله ورضي عنه، فقتل في العاشر من محرم عام 61هـ.
استفز مقتل الحسين العديد من الشعراء اللذين ألمهم ما حدث للحسين رضي الله
عنه، فانطلقت ألسنتهم تنظم قصائد الرثاء، ونذكر هنا قصائد للشريف الرضي
التي نظمها لرثاؤه سيد شباب أهل الجنة وقال فيها:
|
كَـربَـلا لا زِلــتِ كَـربـاً وَبَـــلا |
مـا لَقـي عِنـدَكِ آلُ المُصطَفـى |
كَـم عَلـى تُربِـكِ لَمّـا صُـرِّعـوا |
مِن دَمٍ سـالَ وَمِـن دَمـعٍ جَـرى |
كَم حَصانِ الذَيلِ يَروي iiدَمعُها |
خَـدَّهـا عِـنـدَ قَتـيـلٍ iiبِالـظَـمـا |
تَمسَحُ التُـربَ عَلـى iiإِعجالِهـا |
عَن طُلـى نَحـرٍ رَميـلٍ iiبِالدِمـا |
وَضُــيــوفٍ لِــفَــلاةٍ iiقَــفــرَةٍ |
نَزَلوا فيهـا عَلـى غَيـرِ iiقِـرى |
لَم يَذوقوا الماءَ حَتّى iiاِجتَمَعوا |
بِحِدى السَيفِ عَلى وِردِ الرَدى |
تَكسِفُ الشَمسُ شُموساً iiمِنهُـمُ |
لا تُدانـيـهـا ضِـيــاءً iiوَعُـلــى |
وَتَنوشُ الوَحشُ مِن iiأَجسادِهِم |
أَرجُـلَ السَبـقِ وَأَيمـانَ الـنَـدى |
وَوُجـوهـا كَالمَصـابـيـحِ فَـمِــن |
قَمَـرٍ غـابَ وَنَجـمٍ قَــد iiهَــوى |
غَيَّـرَتـهُـنَّ اللَـيـالـي iiوَغَــــدا |
جايِـرَ الحُكـمِ عَلَيـهِـنَّ iiالبِـلـى |
يـا رَسـولَ اللَـهِ لَـو iiعايَنتَـهُـم |
وَهُــمُ مــا بَـيـنَ قَتـلـى وَسِـبــا |
مِن رَميضٍ يُمنَـعُ الـذِلَّ iiوَمِـن |
عاطِـشٍ يُسقـى أَنابيـبَ iiالقَنـا |
وَمَسـوقٍ عـاثِـرٍ يُسـعـى iiبِــهِ |
خَلفَ مَحمولٍ عَلى غَيرِ iiوَطـا |
مُتعَبٍ يَشكـو أَذى السَيـرِ عَلـى |
نَقِبِ المَنسِـمِ مَجـزولِ iiالمَطـا |
لَـرَأَت عَينـاكَ مِنهُـم iiمَنـظَـراً |
لِلحَشـى شَجـواً وَلِلعَيـنِ iiقَـذى |
|
وقال الشريف الرضي أيضاً
|
شَغَلَ الدُموعَ عَنِ الدِيارِ iiبُكاؤُنـا |
لِبُـكـاءِ فاطِـمَـةٍ عَـلـى iiأَولادِهــا |
لَم يَخلُفوها في الشَهيـدِ وَقَـد رَأى |
دُفَعَ الفُراتِ يـذادُ عَـن iiأَورادِهـا |
أَتُـرى دَرَت أَنَّ الحُسَيـنَ طَريـدَةٌ |
لَقَنـا بَنـي الطَـرداءِ عِنـدَ وِلادِهـا |
كـانَـت مَـآتِـمُ بِالـعِـراقِ iiتَعُـدُّهـا |
أُمَـويَّـةٌ بِالـشـامِ مِــن iiأَعيـادِهـا |
ما راقَبَت غَضَبَ النَبِيِّ وَقَـد غَـدا |
زَرعُ النَبِـيِّ مَظَـنَّـةً iiلِحَصـادِهـا |
باعَـت بَصائِـرَ دينِهـا iiبِضَلالِهـا |
وَشَرَت مَعاطِبَ غَيِّها iiبِرَشادِهـا |
جَعَلَت رَسولَ اللَهِ مِن خُصَمائِهـا |
فَلَبِئسَ ما ذَخَـرَت لِيَـومِ iiمَعادِهـا |
نَسلُ النَبِيِّ عَلى صِعابِ iiمَطِيِّهـا |
وَدَمُ النَبِيِّ عَلى رُؤوسِ iiصِعادِها |
وا لَـهـفَـتـاهُ لِـعُـصـبَـةٍ عَـلَــوِيَّــةٍ |
تَبِعَـت أُمَيَّـةَ بَـعـدَ عِــزِّ iiقِيـادِهـا |
|