منى واصف : اختلاف الآراء لا يعني المتاجرة بالوطن وأنا لست معارضة
أكدت الفنانة منى واصف على رفضها بأن تتم المزاودة على وطنيتها أو أن يتم تخوينها, لافتة إلى أن نصف قرن من المشوار الفني كفيل بأن يقدم صورة واضحة عنها.واعتبرت واصف في حوار لها مع «الوطن» هو الأول لها منذ بدء الأزمة أن ما مر على سورية خلال الأشهر السبعة الأخيرة هو الأصعب وأنها ليست مع سقوط النظام.
وشددت واصف على أنها ضد كل أشكال العنف معتبرة أن متظاهرين رفعوا شعارات مختلفة وأن الحل هو بالحوار والمحبة وأن يأخذ كل ذي حق حقه مشيرة إلى أن اختلاف الآراء لا يعني المتاجرة بالوطن، مستغربة كيف تم تصنيفها على أنها معارضة مؤكدة أنها لم تكن من أصحاب اللاءات على الرغم من أنها كانت تتحدث بكل شيء ولم يمنعها أحد من الكلام لافتة إلى أنه لم يخطر على بالها ولو للحظة أن يأتي يوم يتم الحديث فيه عن تدخل خارجي في سورية مشددة على "أن أزمتنا نحلها بأيدينا".
وردت الفنانة منى واصف على حملات التخوين التي أطلقت بحقها من قبل صحف ومواقع إلكترونية بالصمت والثبات وأنها لم تغادر البلد منذ سبعة أشهر على الرغم من دعوات جائتها من هنا وهناك بينها من الأردن للمشاركة في مهرجان الشارقة الذي تم نقله إلى هناك واعتذرت أيضاً عن دعوة للمشاركة في الحفل الذي تنظمه سنوياً الـ«إم بي سي» للفنانين وعن مهرجان بيروت السينمائي علماً أنها مكرمة "كما قالت" في المهرجان واعتذرت أيضاً من التلفزيون التركي للمشاركة في برنامج لجمع تبرعات للصومال- وهنا تعقب واصف- لم أغادر بلدي وتم تخويني فما بالك لو سافرت إلى تركيا حيث توجد المعارضة هناك؟!! فبقائي هنا أهم رد إلى جانب اتباعي كمواطنة سورية التعليمات الخاصة بالحفاظ على الليرة السورية بمعنى أنني أسحب حاجتي ولم أتاجر مثلاً بالدولار وكنت أقوم بأي شيء يمكن أن يفعله مواطن صالح ذلك أن الموقف كان يستدعي كيف أفكر وكيف أتصرف.. وهذا كان أفضل رد.
وترى واصف أن كل ما مر على سورية منذ عام 67 مروراً بعام 73 وانتهاء بثمانينيات القرن الماضي أهون مما مر خلال الأشهر السبعة الماضية لغاية اليوم ذلك أنه في تلك المراحل والمحطات كان عدونا واضحاً ودورنا نحن الفنانين واضحاً أما اليوم فالعدو غير واضح.. قد يأتيك بابتسامة لطيفة أو برصاصة أو بقنبلة لكنك لا تعرف من هو!! وقد أصبح سائداً في الآونة الأخيرة : أنك إن كنت ضدي فإنك لا تحب الوطن، وتتساءل واصف هل الاختلاف بالآراء يعني المتاجرة بالوطن؟
وترى واصف أنه ثمة جرح وثمة انقسامات ولا أدري إن كانت صحّية لأننا اعتدنا الرأي الواحد وعندما قلت منذ البداية أنا مع الإصلاح قالوا لي ماذا ينقصكم أنتم الفنانون؟! ألسنا أبناء هذا البلد؟! ألا يمكن أن نتحدث باسم الناس؟! لماذا أرادوا أن يضعونا في برج عاجي؟! وبالنسبة لي كنت دائماً منذ أيام الرئيس الراحل حافظ الأسد لا أتحدث عن نفسي إنما أتحدث باسم أو عن الفنانين وكذلك فعلت خلال لقاءاتنا الرئيس بشار الأسد.
وهنا تقول منى واصف لقد مسني كثيراً ما أشار إليه الرئيس الأسد في خطابه الثالث عندما تحدث عن «كرامة الناس» وأنا في اللقاء التشاوري كنت أريد الإشارة إلى هذا الأمر الذي لمسه السيد الرئيس عندما التقى وفود المحافظات إذ يقول الرئيس الأسد: «عبر المواطنون في تلك اللقاءات عن غضبهم الممزوج بالمحبة وعن عتبهم المصقول بالوفاء لشعورهم أن دولتهم ابتعدت عنهم سواء ببعض السياسات أم ببعض الممارسات ولمست معاناة مرتبطة بجوانب عدة بعضها بالجانب المعيشي والخدمي وبعضها متعلق بالمساس بكرامة المواطن أو تجاهل آرائه أو إقصائه عن المشاركة في مسيرة البناء» فما أريد أن أقوله- تعقب واصف- هناك ممارسات خاطئة وإلا لماذا خرج الناس في البداية في المظاهرات السلمية (وتصر واصف على السلمية) فأنا لست مع العنف وأحتقر العصابات المسلحة وأنا ضد أن ينزف أي دم سوري ومن خرج في المظاهرات هي الأحياء الفقيرة التي حكم عليها بالانزواء وهنا تفتح منى واصف قوساً لتقول: أنا لست مع إسقاط النظام وذلك لسبب بسيط جداً أننا رأينا ماذا حدث في الدول التي سقطت أنظمتها ونرى معاناتها.. وربما يرون أن الثورات لها ضريبة وأن الأمور حتى تستقيم تأخذ وقتاً طويلاً.. لكني لا أرى الأمر كذلك ولا أرى ذلك هو الحل.
وعن مطالبات تتعلق بسحب الجنسية أو الوسام عن منى واصف فإنها تتساءل بأي قانون يتحدثون، المؤلم أن تجد من يفكر بهذه الطريقة ولكن وبذات الوقت يمكن أن تتلمس أعذاراً لطرق تفكير من نوع ما فالذي حدث طارئ علينا وجديد وربما كلنا وقعنا بأخطاء ذلك أننا لم ندرك في البدايات خطر وحجم الواقعة علينا والآن انظر إلى أين وصلنا؟! بات الأمر يتعلق باحتمال تدخل خارجي وأنا لم أكن أريد أو أفكر ولو ثانية أو للحظة أن تصل أمور البلد لدرجة يكون فيها التدخل الخارجي مطروحاً لدى البعض فأزمتنا نحلها بالحوار والنقاش نحلها بأيدينا ولكن دون قتل ودون دم فشجر الزيتون ارتوى هذه السنة كثيراً بالدم السوري والسؤال: من الرابح ومن الخاسر؟!
وحول منحها وسام الاستحقاق تقول واصف فعلاً عشت بسعادة حقيقية بعد منحي الوسام من السيد الرئيس وخصوصاً أنني لم أكن أتوقعه وكان حدثاً مفاجئاً وهذا لا يعني أني لم أكن أحلم به لكني استبعدته لموقف ما وفجأة شعرت أن هذه السعادة وهذا الاستقرار وهذا النعيم أتى من يرمي عليه كتلة نار. وتقول واصف أنا لم أتاجر بمواقفي وقد كتبت بوصيتي أن أدفن في بلدي أينما حانت ساعتي.. وقد كان بإمكاني أن أذهب إلى ابني عمار ولكني ليس فقط لأني لا أحمل غير الجنسية السورية وأن لا بيت لي غير بيتي في الشام إنما لأنه لم يحصل خلال 50 سنة أن غبت عن دمشق أكثر من 100 يوم وكانت بسبب منحة اطلاعية إلى ألمانيا ولأنه عندي مرض اسمه دمشق مثل نزار قباني وأنا رأيت لاجئين ونازحين من كل الأنواع!! اقتلني ولا تشردني.. خذ روحي ولا تأخذ بيتي ووطني.
ورأت واصف أن الحل أن يرجع الوطن مثلما كان قوياً لا مهاترات ولا عنف ولا من يصطاد في المياه العكرة ولا الإحساس باللامبالاة.
وعبرت واصف عن تفاؤلها بأن سورية ستعود لكن من له حق يجب أن يأخذه والمظلوم يجب أن ينصف والفقير يجب أن تحل مشاكله وعندما نعترف بمكامن الوجع نستطيع أن نشفى ونسهم في الشفاء وإذا تجاهلنا وأنكرنا فإن المرض ينتشر ويكبر ويحتاج إلى عملية.